مخلوق يبحث عن خالقه
منذ فجر التاريخ والانسان فى صراع فكرى دائم يبحث بمقتضى فطرته وطبيعه وجوده عن خالقه وموجده عن خالقه وموجده وعن الحقيقه وما وراءها والحياه واسرارها والاكوان وحكمه وجودها والماده واصلها والروح وكنهها وكم حاول- ولا يزال يحاول - معرفه سر الحياه وادراك لغز الكون وحقيقه خالق الوجود
وطالما تصور الانسان الخالق بصور شتى تناسب ذوقه وعقليته .. وتعالى الله عما نقول علوا كبيرا . .. وهكذا يخلو الانسان الى نفسه يسالها وتساله ويحاورها وتحاورة اين راح ملايين البشر الذين كانوا قبلنا ؟ واى جديد نراه اذا نظرنا الى الماضى البعيد ؟ وكم ترددت هذه الكلمات : ماهذه الحياه ومالغرض من هذا الوجود؟ واين كان الانسان قبل الان ؟ والى اين المصير ؟ لايدرى الانسان من الين اتى ولا اين يسير . وطالما تاقت نفسه الى معرفه خالقه وموجده ليتتحب اليه ويتقرب منه ويقبل عليه لانه يحس بحاجته اليه كما يحس الطفل حاجته الى ثدى امه :, ويستشعر الحاجه الى حمايه خالقه , حيث لاامل له الا فييجد الاستقرار بجانبه وحتى لايعيش بين الظلام والضباب , والوهم والخيال وقد راى ان الحياه كعجله تدور . ولابد ان ياخد دورتها كامله حتى نهايه الحياه
وتعالى معى سيدى القارىء بفكرك وعقلك لتقف على شاطىء الحياه مليا ونفهم بعض اسرارها سويا فسنرى - حين ننظر الى الاطفال وسنعلم حين ننظر الى الاموات اننا سنكون فى يوم من الايام امواتا طال العمر ام قصر وكذلك نعلم ان من مات اليوم كمن مات منذ الاف السنين والشباب لايعود والموتى لايرجعون والانسان يقف امام ذلك عاجزا عن دفع الضرر عن نفسه لايمكنه ان يتحكم فى دقات قلبه ولافى حركات انفاسه ومهما دق فكره وقوى جسمه وارتقى عقله فانه يجد نفسه مقهورا لقوه عليا انها قوه ليس وراءئها قوه ومن هنا
يتقرب الانسان اليه ويقبل عليه لانه - سبحانه - ملاذ النفس وملجا القلب فتجد عنده القوه والنصر والراحه والامان والامن من الحيره والضلال والفصل بين الحقيقه والخيال , فكل من فى الوجود منه بدا واليه يعود .. والايمان بالخالق ذخيره من القوة تمد البشريه بزاد صالح
هنالك يطمءن الانسان ويخلد الى السكينه والامان فى جنبات رحابه وحظيره انواره يهرع اليه اذاه اصابه هم او الم به مكروة ويفزع اليه بالتضرع والدعاء والدموع والبكاء لان الدعاء وصله بين الداعين وخالقهم . ورابطه بين الناس ورازقهم ( قل مايعبا بكم ربى لولا دعائكم )
وصدقنى ياسيدى القارى ء ان اعجز الناس من عجز عن التضرع والدعاء الى بارىء هذه الكائنات وكيف لايكون ذلك والخالق يقول ( ادعونى استجيب لكم ) ( فانى قريب اجيب دعوه الداع اذا دعان ) والله لايريد من خلقه الا ان يعبدوه ( وماخلقت الجن والانس الا ليعبدون ) ولن يعبدوه الا اذا عرفوة ولن يعرفوة الا اذا ذكروه
فياسيدى القارىء تعالى معى بفكرك وعقلك وطر بجناحك الى ساحه الفضا وجز بروحك عوالم العلا وانظر الى عوالم العلا وانظر من سماء الذكر تشاهد عالم الاخره الخطير الذى هو موطنك الاول والاخير فمن نظر ببصيره الايقان والايمان اغناه ذلك عن الدليل والبرهان
فافتح بالذكر باب المراسله فهو طريق المواصله واذا اردت علاج جسدك فعالج روحك اولا واحذر ان تكون عيناك مما لاتعرف الدموع واستعد للرحيل فالسفر قريب والطريق طويل والزاد قليل
فما اسعد الايام على الذاكرين وما اضيق الحياه على الغافلين فيااهل العقود اوفوا بالعقود فمن فتح باب الدعاء فتحت له ابواب السماء والذاكر لايخرج عن الشرع قيد شبر فان من اعطى شاهد الله معطيا وان من منع شاهد الله مانعا ويكون مع الخلق ظاهرا ومع الله باطنا وقد مهدت بهذه المقدمه لاستنهض همتك لذكر اسماء الله الحسنى المباركه وعلى اى حال وفى كل زمان فلا تقيد نفسك بوقت ولامكان ولا عدد حتى لايضيع عمرك بين التسويف والكسل وليكن قلبك خاشعا ضارعا
(واذكر ربك فى نفسك تضرعا وخفيه ودون الجهر من القول بالغدو والاصال ولاتكن من الغافلين )
واعلم ان الذكر فى الليل افضل من النهار لان النهار مجال المعاش والليل محل التجليات والمهم الطهاره حسا ومعنى
وختام المطاف اقول : هذه ومضه خاطفه عن الذكر والرسول الحبيب صلى الله عليه وسلم يقول الا ان فى ايام دهركم نفحات ، الا فتعرضوا لها ) وهل هناك شيئا احب الى الله من ذكره ؟ وهو سبحانه يقول ( فاذكرونى اذكركم ) فمن ذكر الله وجده ومن وجده وجد كل شىء
والى هنا اقف بك ياسيدى القارىء الكريم فاذا وجدت لكلامى هذا وقعا فى نفسك فاحسست شوقا الى ذكر ربك فانت المقصود بهذا الخطاب وان كان الامر فير ذلك فراجع نفسك المرة بعد المرة واذكر الاسماء بحسب طاقتك شيئا فشيئا وتذكر وقت تلاوه
الاسماء ( وهو معكم اينما كنتم
جعلنا الله واياكم من الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم واذا تليت عليهم اياته زادتهم ايمانا وعلى ربهم يتوكلون ومن الذين امنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله الا بذكر الله تطمئن القلوب
رضاك ربى والجنه
ربى اجعلنى من الذاكرين